[SIZE="5"][CENTER]هذا اليوم العظيم يوم الحج الأكبر ، هو يوم تفضل الله به على جميع المسلمين من لدن آدم إلى ختام الأنبياء والمرسلين فجعله الله يوماً للمغفرة ويوماً للرحمة ويوماً للعبادة ويوماً لتنزل السكينة في قلوب المؤمنين ويوماً يعرف فضله الأولين والآخرين والإنس والجن وكل من شهد بالوحدانية لله ربِّ العالمين
وقد كان بدء هذا اليوم مع آدم عليه السلام عندما خرج بأمر ربه وهو في الجنة وأكل هو وزوجه من الشجرة التي نهاهما عنها الله فبدت لهما سوآتهما فعلم أن الله غضب على فعلتهما فمشى آدم في الجنة كسيف البال فقال الله تعالى له: أفراراً مني يا آدم؟ قال: بل حياءاً منك يا ربَّ فهبط آدم بأمر الله {قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً} طه123
وكان نزوله على قمة جبل سرنديب جنوب الهند وأهبطت حواء إلى جدة ببلاد الحجاز ، ومكث آدم يبكي على ذنبه ثلاث مائة عام حتى كان أول شهر ذي الحجة فنزل عليه أمين الوحي جبريل وقال يا آدم اذهب إلى بيت الله وطف حوله واضرع لربك يغفر الله ذنبك ، فجاء آدم من بلاد الهند ماشياً حتى وصل إلى بيت الله الحرام فكان وصوله في صباح يوم العاشر من شهر ذي الحجة:
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: {لَمَّا أَهْبَطَ اللَّهُ آدَمَ إِلى الأَرْضِ طَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعَاً ، وَصَلَّى خَلْفَ المَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ سِري وَعَلاَنِيَّتِي فَاقْبَلْ مَعْذِرَتِي ، وَتَعْلَمُ حَاجَتِي فَأَعْطِي سُؤْلِي ، وَتَعْلَمُ مَا عِنْدِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي ، أَسْأَلُكَ إِيمانَاً يُبَاشِرُ قَلْبِي ، وَيَقِينَاً صَادِقَاً حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّهُ لاَ يُصِبُنِي إِلاَّ مَا كُتِبَ لِي ، وَرَضنِي بِقَضَائِكَ ، فَأَوْحى اللَّهُ إِلَيْهِ: يَا آدَمُ إِنَّكَ قَدْ دَعَوْتَنِي بِدُعَاءٍ أَسْتَجِيبُ لَكَ بِهِ ، وَغَفَرْتُ ذُنُوبَكَ ، وَفَرَّجْتُ هُمُومَكَ وَغُمُومَكَ ، وَلَنْ يَدْعُوَ بِهِ أَحَدٌ مِنْ ذُريَّتِكَ مِنْ بَعْدِكَ إِلاَّ فَعَلْتُ ذٰلِكَ بِهِ ، وَنَزَعْتُ فَقْرَهُ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ ، وَاتَّجَرْتُ لَهُ مِنْ وَرَاءِ كُل تَاجِرٍ ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ كَارِهَةٌ ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْهَا إِلاَّ رِزْقَاً}{1}
كان هذا اليوم يوم المغفرة فما من عبد مؤمن يعينه الله ويمده بالأسباب التي توصله إلى بيت الله من المال الحلال ، والزاد الطيب إلا دخل في قوله صلى الله عليه وسلم: {مَن حَجَّ هذا البيتَ فلم يَرْفُثْ ولم يَفْسُقْ ، رجَعَ كما ولَدَتْهُ أمُّه}{2}
فيرجع وقد طويت صحف سيئاته وزاد الله فضلاً في حسناته فإن الله جعل هذا البيت العمل حوله مضاعفاً أضعافاً كثيرة لا يستطيع أحد حصرها ولكن بحسبنا أن نلمح ألى بعض فضلها ، فقد قال فيه رجل من الصالحين صلاة واحدة في جماعة في بيت الله الحرام أكثر من عمر نوح في عبادة الله فقال له الحاضرون كيف يكون ذلك ، قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديثه: {الصَّلاَةُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِمِائَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ}{3}
والصلاة التي فرضها علينا الله تكتبها الملائكة عشر صلوات فإذا ضربنا المائة ألف في عشرة كانت مليون صلاة وصلاة الجماعة تزيد عن صلاة الفرد بسبع وعشرين مرة فتصير مليونين وسبعمائة ألف صلاة لكل صلاة واحدة فإذا قسمتها على خمس صلوات في اليوم كانت أعماراًَ طويلة وسنين كثيرة هي في مجملها فوق قدر عمر نوح
كثير وكثير من فضل الله الذي لا يعدُّ ولا يحدُّ ولم يجعل الله الصلاة فقط بمائة ألف بل كل تسبيحة بمائة ألف وكل صدقة بمائة ألف وكل عمل صالح فيه بمائة ألف عمل صالح عند الله لأنه بيت الله وزائره زائر لمولاه عز وجل ، فأول ما يرجع به الحجيج أن يرجعوا وقد غفر لهم ذنوبهم وقد ستر الله لهم عيوبهم وقد محا الله عنهم أخطائهم
وقد جعل الله هذا الفضل العظيم لعباده المؤمنين أجمعين من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ولم يحرمنا الله نحن جماعة المؤمنين المقيمين من هذا الفضل فجعل لنا بعمل يسير إن عملناه أن يغفر لنا ذنوبنا وذنوب أهل بيتنا ما تقدم منها وما تأخر إذا تأسينا بسنة الخليل إبراهيم عليه السلام [/SIZE]
[SIZE="3"]{1} أخرجه الطبراني في الأوسط ، عن بريدةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
{2} رواه الدار قطني في سننه وأحمد في مسنده والبخاري في صحيحه عن أبي هريرة
{3} رواه ابن ماجة في زوائده، وابن حبان في الثواب والسيوطي في الفتح الكبير عن أنس[/SIZE]