الشريك الخامس ..
كانت تتحدَّثُ بانفعالٍ يَشوبه حبّ وفخر وحبور ...
فنبَراتُ صوتِها تنسابُ كنغمٍ عَذب ، ويَداها تتمايَلان كأغصانِ شجرةٍ يانِعةٍ داعَبها الهواءُ العليلُ ، وبريقُ عينيها يَشعُّ كومضَةِ نجم في أعالِي السَّماء ، حتى خلتُ نفسي في واحةٍ غنّاء بين وَردٍ وزَهرٍ وجَداولِ ماء !
قالت : بالأمس اجتمعَ والدي الحبيب وإخواني الأعزّاء مع المُحامي من أجلِ إرساء قواعد شركتهم الجَديدة على ضوء القوانين المعمول بها ، فسَألهم المُحامي : كَم عدد الشّركاء ؟
فأجابَهُ والدي ـ حَفظهُ الله ـ : خمسَة .
فاندهشَ إخواني !
فعَددُهم ثلاثة وبإضافةِ والدي يُصبحونَ أربَعة ، فمَنْ هو شريكهم الخامِس ؟!
راحَت النَّظرات تتبادل الأحاديثَ الصَّامتة ، ومَلامِحُ الوجوهِ تطرحُ أسئلة حَيرَى !
فيُباغتهم والدي بسؤاله : مَن تظنونَ أن يكون شريكنا الخامس ؟
يبتسِمون دونَ أن تنبسَ الشّفاه بكلمَةٍ ، فيتابع : - أتحبّون ـ يا أبنائي ـ أن يُباركَ الله لكم في رزقكم ؟
- هذا ما نرجوه من الله دائمًا .
- أتطمعونَ برضا الله سبحانه ؟
- بكلِّ تأكيدٍ ، فرضاه غاية كلّ مُسلِم .
- أترغبونَ بظلٍّ ظليل ، وصحَّة وعافيَة ، ونقاء مِن ذنوبٍ ؟
- بَلى ، بَلى .
- إذا رحبّوا معي بشريكِنا الكَريم ، صاحِبَ السَّهم الخامِس : الصَّـدقـة .
ثمَّ تَلت بصوتِها النّديّ قولَ الله تعالى : "إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ" - [الحديد:18]
وقوله سُبحانه وتعالى: "مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ" - [البقرة:245]