<TABLE id=table63 border=0 width="100%"> <TR> <td> العربي باطما.. رائد الزجالين بعد عبد الرحمن «المجذوب» <TABLE border=0> <TR> <td><TABLE border=0 width=380> <TR> <td align=middle></TD></TR></TABLE></TD></TR></TABLE> لندن: أحمد الجلالي </TD></TR>ثمة ظاهرة ثراتية مغربية تجمع بين بعدي التصوف و«الحمق» بمعناه الحكيم. يحق للواحد منا ان يتساءل كيف للحكمة أن تجتمع مع نقيضها. ولعل تفاصيل أي جواب مفترض عن سؤال مثل هذا يمكن استجلاؤها في ثنايا حياة زجالين (شعراء العامية المغربية)، عبد الرحمن المجذوب، دفين مكناس الزيتون (غرب مدينة فاس)، والعربي باطما، الذي رحل عن دنيانا في مثل هذه الأيام من العام 1997. <p>و"الجذبة"، أحد طقوس الصوفية، ترتبط مناسباتيا بالموسيقى الشعبية المغربية الضاربة في عمق التراث المحلي معنى ومبنى، لحنا وإيقاعا وكلمات. وإذا كان والدا المجذوب اختارا له اسم عبد الرحمن، فإن الرجل الذي يرتبط في أذهان العامة بالتصوف ويوصف بكونه من أولياء الله الصالحين لم يختر لقب «المجذوب»، الذي يعني المسكون بالأرواح، بل ساسة زمنه من قصدوا إلى ذلك، بغية التشويش على أشعار الرجل التي كانت تطفح بالنقد الاجتماعي اللاذع، إذ طالما توجه بسهامه المسمومة ولهب أبياته الحامية إلى أشخاص بعينهم، بشكل تحريضي صارخ، كان يهدف إلى تعرية عورات الطغاة. <p>والواقع أن تراث المجذوب لم يسلم من التحريف والضياع: فبحكم أن الرجل عاش في مغرب القرن السابع عشر، فإن شيئا قليلا من أشعاره من دون والباقي، انتقل من جيل لآخر بالمشافهة والحفظ، مع ما في اشتغال الرواية من منزلقات خطرة على مضمون النص الأصلي. ورغم هذا، فإن ديوان «سيدي عبد الرحمن المجذوب»، لا يخلو من حكم ذات جرأة في مقارعة الواقع، لكن المثير في المسألة هو كيف يربط المغاربة بين تلك الأشعار بالعامية المغربية الفصيحة ونبوءات منها ما تحقق ومنها ما زال نوعا من «المهدوية» في أذهان البعض. وإذا كان المهتمون بتراث الرجل قلائل حقا، فإن في ما تبقى من كلامه، وما يحكى عنه ما يصلح مادة جيدة للبحث العلمي والتحقيق الأكاديمي بالنسبة للدارسين المغاربة المعاصرين، الذين بدوا وكأن بعضهم باتوا يفضلون الانكباب على موضوعات تافهة أحيانا، أكثر من درر تراثية محلية، وذلك تحت دعاوى الحداثة أحيانا و«المنهج العلمي». <p>وكان على الجمهور المغربي الشغوف بكل ما يمس صميم حياته اليومية فنيا وأدبيا، أن ينتظر قرابة ثلاثة قرون قبل أن يكتشف بداية السبعينات من القرن المنصرم أن شخصا يدعى العربي باطما، فلت من الزمن، فنبت خلسة في الحي المحمدي بالدار البيضاء، المدينة العمالية التي لم يتردد كثيرون في وصفها بأنها المغرب، وأن المغرب هو الدار البيضاء. ففي الحي المحمدي الفقير ترعرع ابن رحال الذي جاء للبيضاء من الشاوية ليستقر في حي صفيحي بئيس، ولم يكن يدري ان مجذوبا حقيقيا سيخرج من صلبه. ارتبط اسم الراحل الذي اصبح تاريخ وفاته موعدا لمحبي «الجذبة الغيوانية» للترحم عليه وإحياء سهرات لمجموعات واعدة، فضلت السير على النمط الغيواني بدل الانخراط في جوقة الضجيج الحالية، باسم المجموعات الفنية المغربية «ناس الغيوان». <p>واستحق العربي فعلا لقب «مجذوب الغيوان» في مرثية ألبوم «ما يدوم حال»، لأنه جمع في طباعة وشكله ونمط حياته الاجتماعية والفنية، كل العناصر الحقيقية والمتخيلة عن عبد الرحمن المجذوب. <p>شكلا، كان العربي نموذجا للبوهيمية والحرية والثورة: شعر مسدول غزير وأسود، هندام بسيط وزاهد في التناسق في كثير من الأحوال، ملامح فارس عربي جاء من زمن بعيد، صوت إذا صرخ في الناس صرخوا، وإذا ناح ناحوا وإذا صدح بالمرح الحزين رقصوا رقصة الطائر الجريح. وإذا كان ديوان «المجذوب الأول» ما زال جاريا على ألسن الناس إلى اليوم، فإن «باعروب» المجذوب الثاني في تاريخ المغرب قد دخل الذاكرة المغربية والعربية من باب الموسيقى المتمردة على المقاييس المتواطأ بشأنها. ولعل الزجال المغربي علي خمليشي من أقدر من يستطيعون الحديث عن جوانب حميمية من حياة العربي الإبداعية والاجتماعية والنفسية، هو الذي يلتقي معه في الزجل والتيه الجميل. <p>أما على صعيد النصوص التي ابدعها لتغنيها المجموعة فهي من أمهات قصائد كتاب «كلام الغيوان»، الذي نفذت طبعته الأولى. وفي معظم تلك النصوص يجد القارئ كلاما بسيطا عميقا احتجاجيا، بينما يكتشف من خلالها المستمع ذو الحس الموسيقي المرهف، تجربة إنسانية وفنية فريدة، كلاما وتأثيرا على الأجيال المتلاحقة. <TR> <td align=middle> ord=Math.random()*10000000000000000; document.write(''); </TD></TR></TABLE> |