تتعرض العاصمة الليبية لقصف جوي وبري عنيف تشنه السلطات الليبية ومجموعات من المرتزقة الأجانب يستهدف المتظاهرين العزل المطالبين بإسقاط نظام العقيد معمر القذافي، في حين تحاصر قوات المرتزقة طرابلس وتجوب شوارعها وتطلق النار على المواطنين، في عمليات وصفها شهود عيان للجزيرة بأنها عمليات إبادة ومجازر وسط أنباء عن سقوط عدد كبير من القتلى جراء القصف وانقطاع الماء والكهرباء عن المدينة.
وقال الطبيب والناشط عادل محمد صالح من طرابلس للجزيرة إن مروحيات ومقاتلات وعربات مصفحة على الأرض تقصف بشكل "همجي" المتظاهرين في معظم الأحياء ومنها سوق الجمعة وحي الأندلس وأحياء أخرى، حيث النساء تصرخ والأطفال يبكون.
وأشار إلى أن القذافي يرتكب جريمة كبرى لا يمكن تخيلها حيث ما زالت الطائرات الحربية المروحية تقصف منطقة بعد أخرى دون تمييز، موضحا أن ثمة عددا كبيرا من القتلى، وأن من أحصي عددهم حتى الآن جراء القصف أكثر من 250 قتيلا.
وبين الشاهد للجزيرة أن قوات خاصة ومن المرتزقة يجوبون شوارع طرابلس ويطلقون النار بشكل عشوائي على كل من يتحرك حتى على سيارات الإسعاف.
وأعرب صالح عن مخاوف أهالي طرابلس من قصفهم هذه الليلة بالصواريخ واصفا ما يحدث بأنه حرب إبادة للشعب الليبي من قبل القذافي. وناشد الشرفاء والعرب التدخل لوقف إبادة شعب أعزل. كما وجه نداء للجيش الليبي لحماية الشعب من بطش "الطاغية".
وفي سياق الضغط على السكان –وفق الشاهد- قطع نظام القذافي الماء والكهرباء عن أحياء طرابلس، مشيرا إلى أن القذافي يمارس سياسة الأرض المحروقة وينفذ ما هدد به نجله سيف الإسلام القذافي في خطابه أمس، الذي قال فيه إنه سيقاتل حتى آخر رجل، وخير فيه الليبيين بين القبول بالنظام أو مواجهة الحرب.
جثة أحد قتلى طرابلس في المستشفى العام (الجزيرة)
مذبحة تاجوراء
وتحدث أهالي منطقة تاجوراء بضواحي شرق طرابلس عن أن جثث عشرات القتلى والجرحى منتشرة في الشوارع، موجهين نداء استغاثة عبر الجزيرة، فيما أشار نشطاء للجزيرة نت إلى أن رائحة الموت تنتشر في المكان وسط حالة من الخوف حيث يقوم المرتزقة بإرعاب السكان لمنعهم من الخروج من منازلهم.
وقال شاهد عيان للجزيرة نت من تاجوراء إن الأهالي يقتلون بالعشرات في الشوارع، والمستشفيات مليئة بالضحايا وسط نقص في بنك الدم، مشيرا إلى أن المرتزقة وكتيبة خميس لبسوا ملابس الدعم المركزي ويقصفون السكان برشاشات مضادة للطائرات (14.5 ملم).
كما أوضح الشاهد أن قوات المرتزقة اقتحمت المساكن في منطقة الهضبة الخضراء ويحاصرون المناطق السكنية في منطقة مشلوم.
وقال نشطاء ليبيون للجزيرة نت إن ما وصفوه بأنه مذبحة وعمليات إبادة ترتكب ضد المتظاهرين في منطقة تاجوراء بطرابلس، كما تم إنزال جوي –وفق نفس المصادر- لقوات من المرتزقة الأفارقة والأجانب على منطقتين بطرابلس إحداهما سوق الجمعة.
وأشارت تلك المصادر إلى أن أصوات استغاثة وصراخا للنساء سمعت في سوق الجمعة بعد إنزال مرتزقة أفارقة بالمنطقة يطلقون نيران رشاشاتهم على أي تجمعات للمواطنين الليبيين العزل، كما تم قصف المتظاهرين في شارع الجمهورية.
وفي السياق ذاته أكد شاهد عيان اتصل مع الجزيرة نت من سوق الجمعة أن الكهرباء مقطوعة عن منطقتهم، في حين يجوب المرتزقة الشوارع بالأسلحة المضادة للطائرات ويقصفون السكان، مشيرا إلى أن الشوارع مليئة بالجثث والجرحى الذين لا تصل إليهم سيارات الإسعاف.
وأكد الناشط صولا البلعزي -في اتصال هاتفي مع الجزيرة من صرمان بالقرب من الزاوية القريبة من العاصمة طرابلس- قصف الطيران الحربي لمواقع في طرابلس، نقلا عن شهود عيان رأوا أسراب الطائرات المقاتلة تمر من منطقة زنزور قرب العاصمة.
واستقى البلعزي معلوماته من مصادر في سلاح الجو الليبي أكدت أن الذين يقودون الطائرات ليسوا ليبيين.
كما نقل البلعزي عن ضباط تمردوا أن كتيبة محمد المقريف التي يعتمد عليها القذافي والمكلفة بحماية منطقة باب العزيزية (مقر القيادة في طرابلس) قد استسلمت وفر ضباطها، مما يعني بداية انهيار كبير "لأجهزة قمع القذافي".
أحد المصابين في المستشفى العام بطرابلس (الجزيرة)
قصف الطريق
وفي هذا السياق قال علي زيدان الدبلوماسي الليبي السابق في ميونخ للجزيرة إن حشود المتظاهرين القادمين من مصراتة ومدن أخرى محاذية لطرابلس تقصف بالطائرات لمنعها من الوصول، لكن المتظاهرين مصرون على الوصول رغم ذلك.
وتأتي هذه التطورات بعد دعوة إلى تنظيم مسيرة مليونية في المدينة اليوم الاثنين. وتوجيه الدعوة إلى باقي المدن والمناطق القريبة من طرابلس للتوجه إليها من أجل المشاركة فيها.
كما قال شهود عيان إنه تم إحراق عدة مبان حكومية، حيث اندلعت النيران في المبنى الرئيسي للحكومة في العاصمة.
يجري ذلك في ظل قطع السلطات جميع الاتصالات عن ليبيا وسط نداءات استغاثة من نشطاء في القبائل للزحف على المدينة لخلع نظام القذافي.
نهب المصارف
وكانت طرابلس شهدت مساء أمس -وفق ما أفاد به شهود- اشتباكات في الساحة الخضراء دارت بين آلاف من المتظاهرين وأنصار النظام.
وذكر الشهود أن أفرادا من قوات الأمن نهبوا مصارف ومؤسسات حكومية في العاصمة الليبية، في حين نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن شهود عيان قولهم إنه تم نهب مقر التلفزيون الحكومي في طرابلس وإحراق مبان حكومية.
كما أشار شهود عيان إلى أن الجنود الليبيين اختفوا من كافة شوارع طرابلس وانضموا إلى المتظاهرين، كما قال الضابط في الأمن العام الليبي المقدم أحمد عثمان للجزيرة إن معظم ضباط الشرطة والقوات المسلحة انضموا إلى الجماهير في العاصمة.
ونقل مركز الاتصال الليبي -وهو مركز يتابع أخبار ليبيا على مدار الساعة- عن مصادر في طرابلس قولها إن معسكر خميس في منطقة تاجوراء بالعاصمة ومصنع التبغ الحكومي في الدربي مليئان بالمرتزقة الأفارقة، حيث يتم تسليحهم للهجوم على المتظاهرين في العاصمة.
كما أفادت المصادر نفسها بأن مرتزقة أفارقة هجموا على منطقة بن عاشور في طرابلس، وأوقعوا فيها قتلى، كما نفذوا أعمال سلب ونهب.
المصدر: الجزيرة